نبيل فكري .. يكتب: الفراعنة وصلاح .. والكلام «غير المباح»
منتخبنا يلعب «في السر» بعيداً عن الجماهير.. ومقارنات ظالمة للنجم الكبير
فزنا على جيبوتي في مستهل التصفيات الإفريقية بسداسية .. وسط جمهور رأيت أكثر منه في دورات رمضانية
«أبداً لن تسير وحيداً» .. هكذا يغنون في ليفربول لفريقهم وللفرعون المصري محمد صلاح الذي يحطم الأرقام القياسية، الواحد تلو الآخر، لكن يبدو أن الأمر عندنا ليس كذلك أبداً، فليس صلاح هو الذي يسير وحده، لكن تقريباً المنتخب أيضاً، الذي يلعب «في السر» بعيداً عن الجماهير، إلا بضعة آلاف لا يتناسبون مع الحلم، ولا مع النتائج ولا مع أي شيء.
كان مشهد اندفاع عدد من جماهير سيراليون على محمد صلاح في مباراة المنتخبين الأخيرة، والتي انتهت بفوز منتخبنا بهدفين نظيفين، كاشفة لمشهد مهم، وهو حالنا مع محمد صلاح، الذي رغم كل ما يحققه، ورغم أنه استثنائي بكل المقاييس في مسيرة الكرة العالمية، إلا أن احتفاءنا به لا يتناسب مع ما يحققه، ولا ما يفعله في بلده، ولا حتى مع الفطرة السليمة التي تدعم الناجح من أبنائها.
صلاح الذي يحطم الأرقام القياسية مع ليفربول، والذي سجل حتى الآن 55 هدفاً مع المنتخب، بفارق 13 هدفاً عن حسام حسن الهداف التاريخي، والذي يتهافت الناس من كل صوب وحدب للتصوير معه، يلعب بيننا أحياناً وكأنه غريب .. لا نحسن استقباله ولا وداعه ولا تشجيعه .. يبدو أنها تلك الآفة التي نشكو منها .. آفة كراهية الناجحين في كل الأحيان، لكني كنت أظنها فقط «بين الجيران».
في يونيو من العام الماضي، كان وصول صلاح إلى مطار القاهرة، والذي تزامن مع وصول الكوري الجنوبي سون هيونج إلى بلاده، مثار انتقادات .. الاثنان في هذا العام تقاسما جائزة الحذاء الذهبي في الدوري الإنجليزي .. الأخير كان هناك استقبال شبه رسمي ينتظره في مطار بلاده، أما صلاح فعاد وكأنه شبح لا نراه.. عاد «والسلام» وكأنه حين عاد كنا «نيام».
صلاح الذي سجل رباعية في مباراة جيبوتي، وخرج من مباراة سيراليون في حراسة الشرطة، خوفاً عليه من المحبين المعجبين .. صلاح الذي اقتحم من أجله أحد مشجعي ليفربول، في مباراة الأخير مع لوتون تاون، ورفع علم فلســ..طين، دعماً لقضية وطن يحبه صلاح .. صلاح الذي تتابعه الصحافة العالمية كما تتابع الرؤساء .. هنا وهنا فقط ربما لا يجد منا سوى المقارنات و«البلبلة» والعناء.
أتريدون أن تعرفوا ماذا يعني صلاح ؟ .. تابعوا فقط ما كتبته الصحف الإنجليزية عما حدث له في مباراة سيراليون.
صحيفة«صن» الإنجليزية قالت إن شعبية «مو صلاح» كادت تعرضه للخطر، بعدما خرج فى حماية الأمن، بعد اقتحام الجماهير الملعب من أجل مصافحته.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأمن حاصر صلاح واقتاده بعيدًا في مشهد فوضوي بعد محاولة المشجعين الاقتراب منه، في سوء تنظيم للمباراة.
أما صحيفة «ميرور»، فكتبت: كان لابد من حماية محمد صلاح من قبل زملائه فى منتخب مصر والأمن، بعدما استهدفته الجماهير فى فوز مصر على سيراليون.
ووصفت الصحيفة المشهد، وهو قيام الأمن بارتداء سترات واندفاعهم سريعا إلى أرض الملعب للقبض على مقتحم الملعب الذي اقترب من صلاح، وبينما كانت مجموعة تتجمع حول المقتحم، خرج آخر من المدرجات وركض نحو صلاح.
كلما تألق صلاح، بالغنا في «السفسطة» وفي «النباهة» وفي الكلام «غير المباح» في وقت ليس وقته ولا أوانه، فنقارنه بهذا وذاك، مثلما فعلها خالد الغندور أكثر من مرة، وقارنه في إحدى المرات بالخطيب، مؤكداً أن الأخير كان الأفضل، رغم أن أحداً لم يسأل السؤال والخطيب نفسه ليس بهذه الحال، لكنه «بندق» الذي يريد الجدل «عمَّال على بطال».
ومرة يقارنوه بحسام حسن، وإن لم يجدوا أحداً هنا، قارنوه باللاعبين الأجانب، وكأنه ليس منا، وكأنهم أقرب إلينا .. جدلية غريبة وحال أغرب، وبينما العالم يستقبله ويحتفي به كالعظماء، غالباً لا يجد هنا سوى «الغباء».
حال صلاح، ليس ببعيد عن حال المنتخب، الذي استهل مبارياته هنا في التصفيات الإفريقية مع جيبوتي، وهزمها بسداسية، وسط حفنة من الجماهير، رأيت أكثر منها عدداً في دورات رمضانية.
محمد النني نفسه، نجم آرسنال، اشتكى من هذه الحال، وقال «بالفم المليان»: أنا زعلان .. لما بنلعب في مصر مفيش جمهور، ونرى في كل بلاد العالم كيف تقف الجماهير مع منتخبات بلادها.
عامر حسين عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، تحدث عن فكرة عبقرية، لحل الأزمة الجماهيرية، وهي اللعب في الإسكندرية .. لماذا يا أستاذ عامر ؟ .. لأن الاستاد في الإسكندرية صغير، ورقم الجمهور الصغير سيبدو «كبير» .. ويجعله «عامر».